تعليقات على مبادرة "نحو دستور ثقافى"



طال إنتظارنا لوثيقة تحمى وترعى المثقفين فى مصر وأهمية صدورها الأن هو شروعنا، كلنا كمصريين، لكتابة دستور مصرى جديد. مع تعطيل العمل بالدستور المصري - الذي تهلهل لكُثرة ما عُدِّلَ فيه حفظاً لكرسي الرئاسة - فإن الفرصة قائمة الآن لكتابةِ دستورٍ جديد يبقى صالحاً لقرونٍ (أتمنى ذلك).  بعد وثيقة حقوق الأنسان التى تبناها البرادعى ووثيقة الأزهر حول مستقبل مصر، جائت تلك المبادرة لتلبى إحتياجات المثقف فى تحقيق دورة الضائع أو التائة.
وجود "وثيقة للثقافة" فى الدستور تثبيت لحقوق المثقف، ليس بصفته نخبة، بل بصفته مواطن مصرى. وضمانة أساسية تمنع تغول وسيطرة الدولة على الجماعة الثقافية. الحرص على مشروعية الوثائق الحقوقية والأجتماعية والثقافية ركيزة أساسية تالية للدستور، وإن تسبقها فى الصدور. وجود الوثيقة بحد ذاتة تقوى العزائم للمطالبة بحقوق المواطن تجاه الدولة . تأكيد وتبنى هذة الوثيقة يعطى مشروعية للحركات المدنية المهتمة بالثقافة الفاعلة على أرض الواقع بعد ثورة 25 يناير. ينبغي أن تكون الوثيقةُ واضحة ومحددة على رأس مطالب كُلِ طالبي تعديل الدستور، في مصر ، لأجل الحاضر، ولأجل المستقبل، ولأجل تصحيح وضع الثقافة بأكمله.
ولكن لى بعض الملاحظات الشكلية، على مبادرة "نحو دستور ثقافى":
أولا: يفضل تسمية المبادرة بالهدف الأساسى والذى سيجمع المثقفين بكافة أطيافهم حولة. الهدف، فى رأيي، هو إدخال "الثقافة" بكافة مفاهيمها، وإستراتجياتها،ولفظها، داخل صلب الدستور، أى بمواد دستورية تعنى بالثقافة كمكون أساسى فى المجتمع والشعب المصرى صاحب الدستور. وليس " نحو دستور ثقافى " فهذا يوحى بأننا بصدد التأسيس لدستورنا المستقل الثقافى.
ثانيا: الديباجة يجب أن تتوجه الى الشعب المصرى وصناع القرار وليس الجماعة الثقافية. فقد إبتلينا منذ القدم بمخاطبة أنفسنا. وهى بالمناسبة طويلة جدا.
ثالثا: المبادرة تحتوى على أربع أبواب، الأول والرابع بكل منهم 10 مواد والثانى والثالث بكل منهم 11 ماده؛ أى بأجمالى 42 مادة. الأعلان العالمى لحقوق الانسان يحتوى على ثلاثون مادة فقط فى باب واحد. وثيقة حقوق الانسان التى تبناها البراعى بها بابان الاول 6 مواد والثانى 11 مادة. أما وثيقة الأزهر فتحتوى على باب واحد به 11 مادة. المبادرة كلها تحتاج للتكثيف والأيجاز، وإدماج بعض المواد، وحذف المواد الشارحة.
رابعا: يفضل عدم ذكر النظام السابق وألياته القمعية فى الأطروحات التى تتبناها المبادرة. لكى نحافظ على أستقلاليتها وقوتها. فنحن، جماعة المثقفين، لا نتكلم من منطقة الضحية المغبون عليها من النظام السابق، بل من منطق قوتنا التى أستعدناها بثورة 25 يناير.
خامسا: المبادرة لم تحدد موقفها من الدولة المدنية أو المواطنة، بدلا من الحديث عن باب كامل لدور المثقف، غافلين أن المواطن يحمل مسئولة ثقافية تجاه الدولة المدنية التى ينشدها. وأكتفت بنبذ كافة التيارات فى الديباجة.

النقاط الخمس السابقة ليست هجاء فى المبادرة، فالمبادرة تحتوى على مفاهيم وأسس رائعة، ولكنى أطمح فى أن تتحول المبادرة الى وثيقة "الثقافة"، وللحديث بقية طلاما ثورتنا باقية. أرجو أن تقام ورشة لإعادة صياغة المبادرة فى شكل وثيقة نتقدم بها للإعلام والشعب والمعنيين بالأمر. وبالمثل، كتجربة الدستور المغربى، تقدم تلك الوثيقة مع وثيقة الحقوق ووثيقة الأزهر الى اللجنة التأسيسية للدستور، كذا عرضها على الأحزاب والحركات لتبنيها. أعتقد أن هذا واجبنا الأن.
وأرجو أضافه بعض المواد  اللتى أقتبستها من مشروع لإدخال الثقافة فى الدستور المغربى أو كما يطلقون علية"دسترة الثقافة":
1- "إضافة كلمة "الثقافة" إلى سائر الفصول التي تنص على الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية "والتنصيص على الحق في الثقافة كالحق في العلاج والعمل والتعليم .
2-"إدراج الهيآت والجمعيات الثقافية والفنية والتربوية ضمن الفصل الذي يعتبر الأحزاب السياسية والنقابات إطارات لتنظيم المواطنين، مع إدراج العنصر الثقافي من أجل تضمين القطاع الثقافي والفني بحظه من السياسات التنموية".
3-"تشجيع الاستثمار في الثقافة والفنون"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق