الغضب الضائع شخصيات إفتراضية تتحرك فى رواية


إن أيقاع الرواية ليس موضوعا سهلا للمناقشة، إنه معقد ودقيق، مثل الهواء بأعتبارة الجزء الاساسى للحياةولكن لا يتم الحديث عنه إلا أذا فسد. بالجهود التى يبذلها الكاتب لأكتشاف إيقاعه داخل العمل فأنه يزيد رضى القراء ويحقق عملا يقترب أكثر من الجوده

أوقات يفرض العمل أيقاعه الخاص ولكن يبقى للكاتب اليد العليا فى المحافظه على هذا الايقاع وهو ما نجح فيه مازن العقاد فى روايته الاولى الصادره عن دار ميريت.

لم أنتبه لمسأله الايقاع فى روايه الغضب الضائع إلا لسببين : الاول لأنها ذكرتنى بإيقاع شدسد الخصوصية لروايات الروائى الراحل محمد ربيع والثانى هو الجمله الاولى فى الرواية " أريد أن أقول ما عندى بسرعة فما حدث لى اليوم وأنا فى الحيقه والتى لا تبعد عن بيتى سوى خطوات قليله ينبئ أنه لم يعد أمامى وقت طويلصحيح أننا نعرف فى أخر صفحة بالرواية نعرف ما حدث له فى الحديقة وبقليل من التخمين نستطيع أن نعرف ما الذى سيحدث لكمال خليل بعد إغلاقنا دفتى الكتاب وهو أما الجنون أو الانتحار. هذا المدخل مهد انا إيقاع الروايه اللهث بترو تداعى أسئله لا تبحث عن إجابات ولا تنظر الاجابات من الواقع الاقرب الى الافتراصية .كمال خليل هو البطل يسرد الاحداث بمنظور ألانا . اللغه العادية (بدون زخرفه أو شاعرية) خدمت الايقاع فى السماح للقارئ بنفاذية الى عالم تصدق فيه وهم وجنون كمال تاره وتُكذب وتتحير من تجارب كمال الغريبة فى حياه أقرب للبرزخ.

هناك ثلاث شخصيات يدور حولها كمال وتدور حوله

الاولى هى الغضب الضائع : غرفه الشات الى أنشأها لكل من له تجربة من أى نوع مع الانتحار ، المهم ما يجعلها شخصية أعتبارية أنها تمردت على صانعها "الأدمن" فبعد أن كان كمال يقول " كان ما أريده من هذه الغرفه واضح منذ البدايه". أصبح الغضب الضائع مختلف تماما، فقد أرست حياتها وأفكارها وصنعت أهدافها وحققتها بأراده خاصة.

لقد كونت حياه من حكايات العائدين من حالات الانتحار (من ص43الى ص50) وتكون عقل من الافكار التى تموج بها المناقشات (ص51 الى ص61) وبدل "أدمن " واحد أصبحوا أربع ولهم نواب أيضا، ومال يربوا على سته ملايين جنية وأقامت حفله وأرتكبت جريمة وتسترت عليها

ألا يجعلها هذا شخصية روائية متطوره مؤثره – بالطبع - فى حياه كمال بل وأشتبكت مع باقى شخصيات الروايه

ثانى الشخصيات هى منار، وكما تعودنا على عبثيه المصادفات منذ عثورة على الاب توب،قابلها فى معرض الكتاب. وفى سعى منار الحثيث لأغراق كمال بحبها لحظه بلحظه كانت تريد تحطيم اللعنة التى ظلت فى نساء نسل جدتها التركية وظنت أنها حازت على حبه بنجاحه لأختبارها عن الحمل ولكنه فى لحظه غباء ذكورية حطم أمالها ودفعها للأنتحار.

ولكن هل يجعل هذا منار شخصيه حقيقية داخل الرواية!(وهو تساؤل طريف لأحق الكاتب بألحاح) . سؤال جد محير لأن الكاتب تلاعب بنا نحن القراء وبعد مشهد المستشفى والشرطه نجد أن لغز المفتاح يكسر توقعنا المفترض ويستمر تلاعب الكاتب بنا. والطريف أن هاجس منار السهرانه سظل يلاحقه.

ثالث الشخصيات هو منير، وجهه العمله الاخر من منار . يتجسد فى منير، على نحو ما، الخوف أو بالاصح الغضب الضائع الذى دفع كمال لمحاولته الانتحار للمرة الثانية الى فشل فيها بمشهد عبثى أخر.

إن الخوف هو الكهف المظلم الذى ندخله جميعا بحصا عن الامان ، وكلما أذدادت حاجتنا الى الامان أذداد توغلنا فيه حتى تستحيل العوده فنتعوده.. والطريقه الوحيده للخروج من الكهف هى التخلى عن البحث (ص153) هكذا لخص كمال نتيجه بحثه عن أسباب الانتحار . الرواية لا تنحو الى الشكل الفنتازى أو الغرائبى بل هى غوص فى نفسية أنسان لدية ميل قوى للأنتحار .. فى نفسية أناس ذهبوا الى الموت و عادوا … هل هم متزنون أم على حافه الجنون

.أسئله كثيرة تقدما الرواية ولا تقدم لها إجابات غير قرائه الرواية كلها