عجز الفاعل1



لن أدخل فى معترك نقدى حول رواية "الفاعل"، ولا يجوز لى أن أفعل، وليس السبب لأن أعضاء لجنه التحكيم الموقرة التى منحت حمدى أبو جليل جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائى لعام 2008 هم أسماء لامعه وبراقة فى الوسط الثقافى، فهؤلاء أستطيع أن أستخرج من التقارير فى حق الفاعل ما يضارب بعضهم البعض ولكن هذا لا يهمنى.ولكن السبب الأهم لأن القراء – وهم هَم هذة المدونة – تتفاوت أذواقهم وأرائهم حول الرواية لصالح رضاهم عنها، والسبب الآخر هو "يحسب للراوى قدرته على الإمساك بتلابيب القارئ دون هوادة حتى النهاية" حسب تعبير د.هدى وصفى (أحد محكمي الجائزه) والوحيدة التى أحترم رأيها فى الرواية.

قبل دخولى القاعة الشرقية لحضور الحفل الثالث عشر لجائزة الإبداع الروائى بالجامعة الامريكيه ، كنت أعتبر حصول نص الفاعل على جائزة المهندس الادبى والروائى هى إهانة لنجيب محفوظ، دعك من الحملة الفرنسية فهى مثل الجامعة الأمريكية . ما زلت أعتبرها أهانه ولكنها ليست أخر الإهانات التى يوجهها هذا البلد لصاحب نوبل المصرى، فمكتبة لم يتجاوز عمرها عامين تحرص على الاحتفال بمرور عشرين عاما على حصول نجيب محفوظ بالجائزة ولا يتحرك أحد، وورشة الزيتون (أكبر كيان ثقافى مستقل) حرصت على الاحتفاء بة فى ظل غياب المؤسسة الرسمية.

مثلما كان "محمد حسنين هيكل" الجندى الخفى وراء فوز "نجيب محفوظ" بنوبل فهناك شخص يعمل وراء الكواليس يدعون أنه منظر هذا الجيل تسبب فى هذا الشؤم الذى واكب رقم 13 فى عمر الجائزة، وما الاعضاء المحكمين إلا مسوغين لشرعية نتائج رهانات اللعبة، دون أن يدركوا أن نجيب نفسة أقوى وجودا منهم ومن الجامعة الامريكية نفسها. أعتدت أن أرى السياسة فى كل شئ – هكذا علمنى هيكل- والمشهد وواقعة يجعل الاتهام بنظرية المؤامرة مثير للشفقة، فلم يدهشني بأن الأمر كون حمدى من أصل بدوى يدافع عن بدوى أخر أسهم بشكل كبير وراء اللعبة وهى بأختصار رسالة أمريكية للنظام المصري ... أنتهى الكلام.

ما أعجبنى حقاً كلمه أبو جليل بعنوان "مديح العجز"، مَنّ يقرئها يعرف أن حمدى يعي نفسة جيدا والهالة التى وضعوها فيه ستجعلني أشم أنه فى طريقه لأن يصدقهم. يقول حمدى:

"التجاوز يعنى القوه، يعنى القدرة الجبارة على استيعاب قيم جمالية وفكرية ثم تجاوزها ببساطه، وتطور الكتابة- كما أفهمه – يعود فى جانب منه الى الضعف، العجز عن الوفاء لشروط النماذج السابقة"

الرقى هو خطوه إلى الإمام بمعنى التقدم لذا فكل تقدم تطور ولكن ليس كل تطور تقدم، فالفاعل - بمفهوم تطور الكتابة والعجز- هى خطوه الى الوراء أو خطوه فى المكان، تطور الكتابة بهدف التقدم والرقى ليس معناه الوفاء لشروط النماذج السابقة... أقصد النماذج العظيمة السابقة، بل يعنى التجديد، يعنى استيعاب متطلبات العصر الآنى ومفاهيمه والوفاء "لها" لاحتوائها من وجهه نظر ورؤية الكاتب والمبدع ذاته. وعلى هذا فاستيعاب قيم جمالية وفكرية بالإضافة لمتطلبات العصر ومفاهيمه ليست قدره جبارة ينبغي تجاوزها بل على العكس ينبغى هضمها بوعى خاص الكاتب ذاته.

يقول حمدى:

" دائما أتخيل مسار الكتابة على هيئة مجرى مائي بة ربوات عالية، راسخة، وعجز الماء عن المرور فوقها أو تجاوزها يدفعه الى مسارات جديدة تماما بل وأحيانا مناقضة لمجراة القديم"

تشبية ظريف ولكنه يفتقر الى التماسك، الماء- بحسب الطبيعه ولس بحسب تشبيهه- لا يتخذ مسارات أخرى عن عجز بل عن استخدام أساليب جديدة للمرور والتجاوز، حالات قليلة تكون فيها المسارات المنحرفة جديدة تماما أو مناقضة لمجراة القديم لأن الانحراف فى هذة الحالات ضعيف ويتشتت ويموت سريعاً أو على أكثر تقدير يتحول الى بحيرات آسنة، وعادتا المسارات الأخرى ترجع إلى المجرى الاصلى فى تقدمه الى الامام وليس المجرى القديم فى الرجوع للخلف.

وللحديث بقية إذا كان محبرتى مداد


ـــــــــــــــــــــــــــ

لا أعرف السبب وراء إختيارى لهذة الصورة لهذا البوست، ممكن لأنها هدية مناسبة لعيد ميلاد أحدهم الثلاثون وممكن لا، عموما سأحاول أكتشاف السبب الحقيقى فى البوست القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق