من يخاف من فرجينيا وولف فى سبتمبر

محاولة قراءة قصة سبتمبر لمحمد عبد النبى المنشورة على موقع أكسجين


المسرحية المشهورة "لإدوارد إلبى" التي كتبها عام 1961 وفى العام التالي مباشرا تحولت إلى فيلم سنيمائى بطوله "إليزابيث تيلور" و"ريتشارد بيرتون" . المسرحية تفضح وهم الحلم الاميريكى المتمثل فى الزوجان جورج ومارتا، ولكني سآخذ خيط واحد من المسرحية تعمد أن يكشف به المؤلف هشاشة الاسره الامريكيه في ذلك الوقت (في الستينات) حيث يتوهم الزوجان أمام ضيوفهم الزوجان نك وهاني أن لهم أبن يعيش في الخارج بناءا على أن مارثا – حقيقة فى المسرحية – حملت في ابن ولكنه توفى وهم يتخيلوا أن الابن بلغ من العمر الى الشباب ولكن في لحظه تحاول مارثا الانتقام من زوجها بإفشاء هذا السر إلى أحد الضيوف ولكي يرد جورج الصاع إلى مارثا يعلن أن ساعي البريد جاء بخبر وفاه الابن، فتنهار مارثا ومعها جورج ويغرقوا فى حاله بؤس ومأتم لأن الابن الوهمى توفى.


هناك عده خيوط في العمل تبين وهم الاسره الامريكيه والسعاده التى ينعم بها جورج ومارثا . دعنا نركز على هذه الشخصية الثالثة ، شخصيه الابن (هي ثالثة) لأن الزوجان جورج ومارثا في مقابل الزوجان نك وهانى، ودعني أهتم أكثر بحرفة الكتابة عن كليهما (محمد وإدوارد)، لأن المضمون الاجتماعي للشخصية الثالثة فى العملان مختلف، فهدف "إدوارد إلبى" فى مسرحيته مختلف عن "محمد عبد النبى" في قصته.

منذ بداية المسرحية حتى المنتصف تقريبا نصدق نحن ،القراء والمشاهدون، أن الابن موجود ونصدق ليس عن طرق السرد أو الراوي بل عن طريق حوارات جورج ومارثا أمام نيك وهانى – لاحظ أن قصه محمد عبد النبى "سبتمبر" هى عباره عن حوار ( مسرحي على الأغلب) - يحاول إدوارد– وينجح فى محاولته- أن ينقل لنا صدق الوهم الذي يعيشه الزوجان وبعد النقطة الفاصلة التي ينقلب عنها الزوجان على بعضهم البعض (ونظن أن السر أنكشف) نستكمل معهم الشعور بالوهم برد فعل مختلف ويقع القارئ هتا في إشكاليه هل يصدق الوهم كوهم أم كحقيقة؟؟

هذه هي اللعبة التى لعبها "محمد المؤلف" في قصته ، ففي النصف الثاني من القصة هل نصدق ونتعايش مع وجود الشخصية الثالثة – التي ينتظروها - على أنها ستأتي أم أن الصديق يعانى من حاله شيزوفرانيا أمام الصحفى. أُرجح بناء على النهاية

ليكن سوء تفاهم أو ليكن ما يكون، فليستمر إذن حتى صباح الغد!

أننا أمام صديق يخدع الصحفي بوجود شخصيه ثالثه أي أن الصديق يعرف أن الشخصية الثالثة غير موجودة ولكن فعل ذلك ليصيد الصحفي ويجعله يتقبل وجود هذا الجنس من البشر الذي هو رجل تتلبسه حاله أنثى ويقبل أن يحاوره ويجالسه على أساس أنه أنثى. المحك هنا كيف يفعل ذلك إلا بالحل أن شخصيه ثالثه ستأتي!

محمد (مؤلف القصه) أستخدم نجاح "ادوارد ألبى" في إقناعنا نحن القراء بوجود شخصيه ثالثه وهى في الحقيقة وهم أو هي بالاصح حل. ولكن لم ينتهي الأمر عند هذا بعد قبول الصحفي بأن يلعب الصديق دور الشخصية الثالثة يكتشف أن لون عينيه تغير


أقصد هل تضعين عدسات؟ كان لون عينيك منذ قليل بنيا و الآن؟

لون عيني أخضر من يوم مولدي، واضح أنك سكرت تماما.


ونستدعى، نحن القراء، مقوله الصديق


ألم تسمع أو تقرأ عن قوة الإيحاء، و ما يمكنها أن تؤدي إليه. لقد قرأت ذات مرة عن مرضى نفسيين، يعانون تعدد الشخصية، يتغير لون أعينهم عند انتقالهم من شخصية إلى أخرى...هذه حقائق علمية...


بما يعزز وجهه نظري أن الصديق أستخدم حل الشخصية الثالثة ليجعل الصحفي يتقبل أن يحادثه ويحاوره على أساس الصورة التي رسمها الصديق في أول القصة للشخصية الثالثة
ولكن ليست هذه هي القضية
القضية في لعبه الكتابة ذاتها
فاللعبة هنا لعبه كتابه.
كيف تكتب لتخدع القراء وأبطال القصة فى نفس الوقت؟؟ وهو ما نجح فيه محمد بامتياز
لا أتحدث هنا عن حبكه بوليسية بل عن أسئلة تثيرها القصة فى أذهان القراء بعد الانتهاء مرات من القراءة

قصة ديسمبر لمحمد عبد النبى على موقع أكسجين ضمن مجموعة القصصية التى سوف تصدر عن دار فكرة للنشر والتوزيع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق