دور نشر تحصل على نصف القيمة المادية لكل جائزة أدبية تتقدم لها الدار.


والكتاب يؤكدون أن العمل الإبداعى لا يخص سوى صاحبه .

فؤاد قنديل : من حق الناشر الحصول على نسبة، ولكن معقولة

هشام أدم : أهتم بالجانب المعنوي للجائزة ولا أسعى لتكوين ثروة

سعيد نوح : أفضل عدم الحصول على جائزة، على أن يشاركني أحد في إبداعي

صفاء عبد المنعم : للجوائز حسابات أخرى لا علاقة لها بقيمة العمل الحقيقية

إسلام شمس الدين : اعتراض بعض الكتاب ليس مسألة "مبدأ"، وإنما "فصال"

كتب : رحاب الدين الهواري فى جريدة القاهرة

العلاقة بين الناشر والمؤلف علاقة جدلية ، مرت عبر سنوات عديدة بمراحل كثيرة ، لعب فيها كل منهما دوره جيداً تجاه الآخر، فاشتهرت دور نشر كثيرة واتسعت بفضل أسماء مؤلفيها ، ووصلت شهرة مؤلفين إلى عنان السماء بفضل جهود أصحاب دور النشر، واختلفت المكاسب والأرباح من مادية ، تخص المؤسسات ، بينما تظل الشهرة والمكسب الأدبى غاية المؤلفين من النشر ، غير أن الحراك الثقافى الذى نحياه الآن، وزخم المسابقات وكثرة الجوائز أوجد نوعاً جديداً من العلاقة بين الناشر والمؤلف ، اضطرتهما معاً لتسجيل عقود تضمن لكليهما حقه ونسبته فى الجائزة ، واختلفت هذه النسب من دار إلى أخرى ، ووصل الأمر ببعض دور النشر بوضع شرط مناصفة القيمة المادية لكل جائزة أدبية تتقدم لها المؤسسة ، ويحصل عليها الكتاب ، وهو الشرط الذى أحدث صدمة شديدة فى أوساط المثقفين والكتاب ، وفى هذا العدد ، تبدأ " القاهرة " أولى حلقات الجدال .

الكاتب الكبير فؤاد قنديل :

هذه مسألة غير مقبولة بالمرة ، وأعتقد أن الناشر يجب أن يحصل على نسبة ولكن معقولة 10% مثلا أو 15% على الأكثر، دون أن يصل إلى هذا الرقم المخيف ، فالناشر هنا يتقاسم مع المبدع حقه الأصيل والوحيد ، فالعمل لا يأخذ جائزة على الغلاف أو التوزيع و لا على الطباعة ولكن إبداع المؤلف هو الذي يفوز ، فالجائزة لا يحصل عليها الكاتب من أجل جمال عيون كتابه ، وإذا كان هذا حدث في أحد العقود فهو يفتح الباب لمزيد من الناشرين لفعل هذا ، والناشرون ربما يتجهوا لذلك في غيبة عنصر مهم هو غياب الوكيل الأدبي، وهو الذي يتعين عليه القيام بكل هذه المهام منذ أن ينتهي الكتب من عمله ، ويقوم الوكيل بمتابعة النشر والتوزيع والإعلام والتقدم للجوائز والترجمة وإعادة الطبع وكافة الحقوق التي تترتب على هذه العمل لصالح الكتاب، وله نسبة كوكيل ومهما كانت كبيرة فهو يستحقها ، ولكن الناشرين في الحقيقة تجاوزت أطماعهم كل حد ، فإن كان هذا البند حدث مرة فسوف يستمر فيما بعد بحجة أن عدد من القائمين على الجوائز أصبحوا يطلبون الناشر وليس الكاتب نفسه ، وكل فرد يبحث عن ثغرة كي يوسعها لنفسه .

وأضاف قنديل : الناشرون يتحركون في هذا الاتجاه ، لأن الجوائز أصبحت ترفض ترشيح الكتاب لأعمالهم بأنفسهم، وبالتالي أحس الكتاب أن الباب قد أغلق دونهم وفتح أمام الناشرين الذين حققوا من ورائه أرباحا لم ينالوها من قبل ، متناسين أن جائزة الناشر الحقيقية في اتساع رقعة الكتاب الفائز وليس في قيمة الجائزة نفسها.

الكاتب السوداني هشام أدم

صاحب رواية " ارتكانا " المنشورة في مصر: لا أرى هذا الشرط مجحف، حتى وإن كانت النسبة 70% وليس 50% ، لأنني أهتم بالجانب المعنوي للجائزة ولا أسعى لتكوين ثروة ، وأعتقد أن دار النشر تقوم بدور أكبر من كونها شريك ، فهي تقدم الدعم الحقيقي الذي يحتاجه أي مبدع، وبطبيعتي كشخص عملي جداً أرى أنه إذا قام طرف بمجهود فمن حقه أن يأخذ كما أعطى وأرى أن قيمة الجائزة تكمن في أن يقول لك الناس برافو ، ولا أعتقد أنني سأغير وجهة نظري هذه حتى مع الرواية العاشرة .

الكاتب الروائي سعيد نوح :

أنا ضد الفكرة تماما لأن العمل الإبداعي منتج شخصي لا يخص سوى صاحبه وكون الناشر يرغب فى الحصول على 50% من قيمة الجائزة هو كلام فارغ فالموضوع برمته ما هو إلا سوق ، الكاتب فيها هو الأساس وما يتم بعد ذلك مجرد مساعدات للكاتب وليست احتكاراً له ، فدار النشر نفسها قائمة على المبدع، والتوزيع أيضاً قائم على اسم الكاتب نفسه ، ونسبة ال50% هذه تمثل سرقة صريحة، طالما أن الدار اتفقت معي على التكلفة سواء الكلية أو بالمشاركة أو بأي شكل يتفق وقدرة الكاتب المادية ، وأعتقد أن هذه البدعة فكر أوربي بحت، فهناك يمكن للكاتب أن يكسب ملايين من وراء إبداعه بينما في مصر لا يوجد سوى علاء الأسواني الذي يكسب من عمله ، ونحن جميعاً نتعب من أجل كتبنا و في النهاية نشتريها كي نهديها للأصدقاء ثم تأتى دار النشر لتشاركني في جائزة لم تبذل فيها أي مجهود .

وأضاف سعيد نوح : المؤسسة التي ابتدعت ذلك في مصر هي مؤسسة اعتمدت في الأساس على مجموعة من الكتاب العرب الذين يدفعون ثمن كتبهم، التي يحمدون الله أنها نشرت أصلاً ، لذلك لا تهمهم الجوائز،وإذا كانت هناك دور نشر عربية لها السبق فى هذا الأمركمؤسسة الجمل ،فإنها اعتمدت ايضا على الكتاب العرب الذين يسعى وراءهم صاحب الدار وهو كاتب يقيم فى السويد ويحصل على نفس النسبة وهى الـ 50% ، فكيف نقلد فى مصر دور نشر غير جديرة بالاحترام ، ومع ذلك اتساءل أين يذهب الكتاب المصريين إذا كانت دار مثل الهلال على سبيل المثال تعطى للكاتب عشرين نسخة ويشترى ما يحتاجه بخصم 30% من سعر الغلاف .

واختتم نوح قائلاً : أفضل عدم الحصول على أى جائزة ، على أن يشاركنى أحد فى ابداعى ، وقد سحبت روايتى من مؤسسة شمس يوم 13 يوليو وكان أخر موعد للتقدم للبوكر فى 30 يوليو ورغم أننى اندهشت لعدم وجودى فى الترشيحات الأولية إلا أننى قررت المشاركة العام القادم لأكون حر نفسى بلا قيود من أحد .

الكاتبة الروائية صفاء عبد المنعم

بدأت متسائلة : هل إذا تقدمت الدار للجائزة سوف تبذل قصارى جهدها لحصول الكاتب عليها ؟ إذا حدث ذلك فأنا أوافق تماما، ولكن بالنسبة لجائزة الدولة التشجيعية مثلا فتحتاج الى علاقات ودعاية كافية قبل اعلان النتيجة ، وما يطمع الكتاب فى الحصول على الجوائز هو أن من يحصلون عليها بالفعل، أعمالهم لا تستحق مجرد دخول المسابقات فيصاب بعض الكتاب بداء العظمة والنعرة ، رغم أن الجوائز عامة لها حسابات اخرى لا علاقة لها بقيمة العمل الحقيقية ، فإن بند الجوائز لا يجب أن يكون فى العقد ولكن يمكن الاتفاق عليه مع كل جائزة بين الناشر والمؤلف بحيث تخدم الدار على العمل وتسعى بالطرق المعروفة ـ غير المقبولة أحيانا ـ للحصول على الجائزة .

وأضافت عبد المنعم :

فى لعبة الجوائز، يجب ان تسبق دعاية كافية فى كل الصحف، موعد التقدم للجائزة ، بحيث يصل للجنة صدى العمل قبل قراءتهم له ، ولا تصدق أن هناك جوائز يتم الحصول عليها بشكل برىء تماما ، وإلا لماذا لا تحصل أعمال عظيمة بالفعل على أى جائزة ؟ وفى مصر لا يوجد كاتب يكسب رزقه من الكتابة ، لأنها باختصار " مش بتأكل عيش " ومعظم الكتاب من الجيل الجديد اعتمد على عمله الصحفى فأصبح لديه دعم مؤسسة ، بالاضافة لمجاملات الأصدقاء فى الصحف الأخرى وبشكل آلي تماما ، أما من تفرغوا للأدب فقط فلم تعد تسلط الأضواء عليهم نهائيا لأنهم لا يمتلكون هذا اللوبى الاعلامى .

الروائى محمد القصبى

يؤكد أن منتهى الظلم للكاتب أن تشاركه دار النشر فى مجهوده ، فالجائزة عن الابداع وكل ما فى الأمر أن الدار وسيط خير، وليست وسيط تجاري ، ويحسب لها أنها تنشر أعمالاً تستحق الجوائز فتحقق مكسباً أدبياً لكونها تنتقى الأعمال التى ترقى الى مستوى الجوائز ، وأنها لا تهبط بمستوى عمومية النشر مقابل المادة بغض النظر عن جودة العمل ، وهذه المكاسب الأدبية ستتحول بالضرورة إلى ربح مادي ، أما هذا الشرط فهو مجحف للغاية لأنه لا توجد دار نشر من الممكن أن تخسر، فهى تحصل على هامش ربحها قبل صدور الكتاب ، وبهذا الشرط تلوى ذراع المبدع لأنه نوع من الاحتكار ، ويمكن أن تكون هذه النسبة 10 % أو 15 % ولا تزيد عن ذلك .

ويضيف القصبى أن انتشار هذا الشرط فى عقود دور النشر سوف يسمح لنادى القصة وجمعية الأدباء وأتيليه القاهرة واتحاد الكتاب أن ينتهجوا نفس النهج لتصبح بعد ذلك ظاهرة خطيرة يصعب السيطرة عليها . مايحدث فى العالم كله هو نوع من الوكالة الأدبية التى تتولى الترويج للعمل من بدايته وحتى انتشاره ، ولكن ما تتحدث عنه الآن يعد سابقة خطيرة فى تاريخ النشر فى مصر .

الروائى الدكتور زين عبد الهادي

يرفض المبدأ تماما مؤكداً أن العمل الأدبى لصاحبه وليس للناشر، وعندما يحصل كاتب ما على جائزة مثل جونكور على سبيل المثال وقيمتها 10 دولارات فقط فإن الفائدة تعود على الناشر من المبيعات بسبب الجائزة والتى قد يحقق منها الملايين ، اما الناشر المصرى فينظر للمبدع فى الكعكة التى فى يده ، ومن يلجأ لهذا البند ، فهو بالتأكيد لم يحقق مكاسب عادلة من بيع الأعمال التى ينشرها .

؟ لماذا قبلت الدار هذا العمل إن لم تجده جيداً ويتساءل زين عبد الهادي

أرباح الدار من النشر وليست من الجوائز ، والقضية كلها تخص الكتاب والأدباء فى المجتمع المصري تحديداً ، لأن أغلبهم لا يعتمد على الكتابة كمصدر للرزق ، ولكى تنتج أدباً جيداً لابد أن تعيش فى مناخ صحى مقبول ولا تلهث وراء لقمة العيش ، وأنا أتمنى أن تأتى اللحظة التى أستطيع التفرغ فيها للكتابة فقط ، وساعتها سوف تعوضنى الجوائز الضخمة بحيث أحيا حياة كريمة ، والتى لو توفرت للكتاب ، لأصبح عندنا ابداع عظيم .

وعن روايته الأخيرة " التساهيل فى نزع الهلاهيل " الصادرة عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام والتى تضع هذا الشرط ضمن بنود عقدها، أكد عبد الهادى أنه وافق عليه فقط لصداقته لصاحب المؤسسة وليس ايمانا منه بحق الدار فى ذلك .

وكان الشاعر إسلام شمس الدين مدير وصاحب مؤسسة شمس قد أكد فى رده على ما سبق أن مقاسمة الجوائز ليس بدعة استحدثتها " شمس " ، فالعديد من دور النشر الكبيرة تتعامل بالكيفية نفسها ، ولا أرى فى ذلك إجحافاً أو ظلماً للمؤلف ، فالتعاقد ينص على المناصفة فقط فى حالة أن تتقدم المؤسسة للجائزة .

( القيمة المادية لكل جائزة أدبية تتقدم لها المؤسسة ويحصل عليها الكتاب؛ يتم اقتسامها مناصفة بين الناشر والمؤلف، بينما تظل القيمة الأدبية حقاً أصيلاً لكل طرف حسب ورودها إليه )

ورغم ذلك نحترم حق المؤلف فى رفض هذا البند أو إلغائه ،على أن يتولى هو الترشيح بنفسه للجوائز ، لكن ما صادفنا من اعتراضات لم يكن حول المبدأ نفسه ، وإنما نوع من " الفصال " حول النسبة ، وهو ماحدث مع الروائى سعيد نوح ، وليس صحيحًا أنه سحب الرواية، فقد تقدم بعرض لتخفيض النسبة إلى 25%، ولكننا اعتذرنا له، أي أنه كان موافقًا من حيث المبدأ، لكنه اعترض على النسبة نفسها، فالاعتراضات كلها كانت لأسباب مادية تجارية ، لا مسألة مبدأ. وبشكل عام، فالمؤلف ينظر فقط إلى ما قد يناله الكتاب من مكاسب مادية ويغفل أن للناشر دوراً فى حصوله على تلك المكاسب، عبر مراحل تجهيز الطباعة وتوزيع الكتاب والترويج له، والغريب أن المؤلفين دائمو الشكوى من سوء أحوال الطباعة والنشر، هم يريدون تصحيح الأوضاع دون أن يتحملوا أى أعباء .

وأضاف شمس الدين : ليس لدينا أى نية لإعادة التفكير فى إلغاء هذا البند من عقودنا ، نحن نعتبر هذا بمثابة ( أجر مقابل عمل ) ومن لديه تحفظات من المؤلفين ، بإمكانه التعامل مع دور النشر التى لا تدرج مثله فى عقودها، أو تلك التى لا توقع عقوداً من الأصل ، لكن عليه حينها أن يكف عن الصراخ من سوء الطباعة وغياب دور الناشر، وضعف الدعاية والإعلام والتوزيع. وفي جميع الأحوال؛ فمنذ أن انطلقت شمس لم يحدث مطلقًا أن خاطبنا أي مؤلف أو تقدمنا إليه بعرض لنشر كتاب، المؤلفون يعرضون عليهم مخطوطاتهم ويعلمون بنود سياستنا مسبقًا، ونحن نرحب بالتعامل معهم بما فيه صالح الطرفين.

رحاب الدين الهوارى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق