كل عمل ينُشر هو مجازفة من الناشر، ولكن
المجازفة تقل عندما يعتمد الناشر على بعض الكتب الأكثر مبيعا، فالربح فيها مضمون، إذ
يتوافر للكتاب الأكثر مبيعا مميزات داخل سوق النشر لا تتوافر للباقي، حديث متنامى شفاهى
في الأوساط الأدبية، تقارير وحوارات وعروض في الصفحات الثقافية، تحويل العمل إلى
وسيط آخر في الميديا، لقاءات تلفزيونية، شهرة الكاتب اعتمادا على أعماله السابقة
... إلخ. والملاحظ أنه ليس من بينها جودة الكتب الأدبية أو أنها في الأغلب في
نهاية قائمة المميزات في مهنة النشر. والأهم صنع نجومية للكاتب!
شئنا أم أبينا يساهم الناشر في صنع الكتاب
الأكثر مبيعا بشكل كبير، فهو يعرفه منذ جاء إليه مخطوطا، ويضع رهاناته عليه وهو
بالإضافة لمجازفته بالنشر لمؤلف ما بناء على رؤية محددة وواضحة لسوق النشر الذي
يستهدفه- يمتلك حس وتوازن ما بين القيمة التجارية والمتمثلة في المبيعات والتوزيع
وبين القيمة الإبداعية للمنتَج الثقافي وهو الكتاب.
ورغم ذلك تظهر كتب مثل "نسيان دوت
كوم" للجزائرية أحلام مستغامي و "لا تحزن" لعائض القرني تعمل على دغدغة مشاعر بعينها لدى القراء في
مجتمع مقموع سياسيا وفكريا ومجتمعيا، هو في احتياج شديد لهذه الوصفات المريحة التي
تفيده أكثر من رواية تحلق به في أجواء مختلفة نفسيا وفكريا، ولم يجد العاملون في
مجال النشر تفسيرا لهذه الظاهرة سوى "احتياجات السوق" وهو ما يجيد بعض
الناشرين اللعب به وتطويعه إذا لزم الأمر.
د. شرين أبو النجا ترصد مقارنة بين رأس
المال الرمزي لدار ميريت ورأس المال الاقتصادي لدار الشروق في كتابها البديع "المثقف
الانتقالي" وهذه المقارنة تنبهنا إلى كيفية صنع الكتاب الأكثر مبيعا في كلا
الدارين.